خطبة الجمعة اليوم: منبر النور والتوجيه لأمة الإسلام

Oct 19, 2025 by magicalceylontours.com 54 views

خطبة الجمعة اليوم: منبر النور والتوجيه لأمة الإسلام

تُعدّ خطبة الجمعة اليوم من أهم الشعائر الدينية التي ينتظرها المسلمون أسبوعياً، فهي ليست مجرد موعظة عابرة، بل هي منبر نور وتوجيه، وقلب صلاة الجمعة التي فُرِضت على المسلمين يوم الجمعة، والتي وصفها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنها “خير يوم طلعت عليه الشمس”. إنها فرصة أسبوعية فريدة للتواصل الروحي، والتذكير بالقيم الإسلامية السامية، والتوجيه نحو كل ما هو خير في الدنيا والآخرة. يجتمع فيها المسلمون من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية، يستمعون إلى كلمة الحق، ويتلقون التوجيه الرباني الذي يضيء دروبهم في خضم تحديات الحياة المعاصرة. تعمقوا معنا في هذا المقال الشامل لاستكشاف الأبعاد المختلفة لـخطبة الجمعة اليوم، وأهميتها في بناء الفرد والمجتمع، وكيف يمكننا الاستفادة القصوى منها لتكون نبضاً حياً في حياتنا.

أهمية خطبة الجمعة في الإسلام: ركن روحي ومجتمعي

تتجاوز أهمية خطبة الجمعة اليوم كونها مجرد جزء من صلاة واجبة؛ فهي تُشكّل ركناً روحياً ومجتمعياً أساسياً في نسيج الأمة الإسلامية. لقد فرض الإسلام صلاة الجمعة وجعلها فريضة لا تسقط إلا لعذر قاهر، ومما لا شك فيه أن الخطبة هي جوهر هذه الصلاة، التي بدونها لا تصح. إنها المنبر الأسبوعي الذي يذكّر المسلمين بأصول دينهم وفروعه، ويُعلِّمهم ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، ويزكّي نفوسهم ويهذب سلوكهم. فمنذ فجر الإسلام، كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده يحرصون على هذا اللقاء الأسبوعي الذي يعزز الروابط بين الأفراد ويقوّي أواصر الأخوة والإيمان. تتجلى عظمة هذه الشعيرة في قدرتها على تجديد الإيمان في القلوب، وتثبيت العقيدة، وتقديم الإرشاد اللازم لمواجهة التحديات اليومية. الخطبة تُلقى باللغة العربية، لغة القرآن، مما يضيف بعداً لغوياً وثقافياً لعملية التلقي، ويسهم في المحافظة على اللغة الأم للمسلمين وتراثهم الثقافي. إنها ليست مجرد نقل معلومات، بل هي عملية تربوية متكاملة تستهدف العقل والقلب والروح. الخطيب، بصفته وريث الأنبياء في هذا المقام، يحمل على عاتقه مسؤولية عظيمة في إيصال رسالة الإسلام بمنهجية واضحة ومؤثرة، مستخدماً الحكمة والموعظة الحسنة. فكل خطبة الجمعة اليوم هي فرصة لتصحيح المفاهيم، وتعميق الفهم الديني، وتحفيز الأفراد على تطبيق تعاليم الإسلام في حياتهم الشخصية والعامة. إنها تُعدّ بمثابة دورة تدريبية أسبوعية مكثفة تزود المسلم بزاد روحي ومعرفي، وتجدد عزيمته على الطاعة والاستقامة. كما أنها تعزز وحدة الصف وتجمع القلوب على كلمة سواء، مما ينعكس إيجاباً على تماسك المجتمع وقوته. لذا، فإن فهم وتقدير هذه الشعيرة يمثل خطوة أساسية نحو الاستفادة الكاملة من بركاتها وبركاته.

بنية خطبة الجمعة وأركانها الأساسية: رسالة متكاملة

تتبع خطبة الجمعة اليوم بنية محددة وأركاناً أساسية تُعطيها طابعاً مميزاً وتضمن إيصال رسالة متكاملة وفعّالة للمصلين. فليست الخطبة مجرد حديث ارتجالي، بل هي خطاب ديني له قواعده وأسسه التي توارثها المسلمون جيلاً بعد جيل. تبدأ الخطبة عادة بـحمد الله والثناء عليه، وهذا من أعظم الأركان؛ فحمد الله يفتتح كل خير، وبه تتجه القلوب إلى الخالق العظيم، وتُجدد العهود والمواثيق مع الله. يلي ذلك الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي هو قدوة الأمة ومُبلغ الرسالة، والصلاة عليه تُذكر المسلمين بسيرته العطرة وتوجيهاته النبوية. ثم يأتي الوصية بتقوى الله تعالى، وهي جوهر الخطبة وهدفها الأسمى، فتقوى الله هي مفتاح كل صلاح وفلاح في الدنيا والآخرة، وهي الأساس الذي تُبنى عليه جميع التوجيهات والمواعظ. يحرص الخطيب على تكرار هذه الوصية بأساليب مختلفة ليغرسها في قلوب السامعين. كما تتضمن الخطبة عادة قراءة آيات من القرآن الكريم، والتي تُعطي للخطبة بُعداً إلهياً، وتُبرز أن الخطبة مستندة إلى كلام الله المعجز، مما يزيد من تأثيرها وجدواها. وتُقسّم الخطبة إلى جزأين يفصل بينهما جلوس قصير للخطيب، وهذا الفصل يُعطي فرصة للتأمل والاستراحة القصيرة، ويُعدّ ركناً من أركانها. الجزء الثاني عادة ما يكون أقصر قليلاً، ويختتم بـالدعاء للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، وهذا الدعاء يُعزز الشعور بالوحدة والتراحم بين أبناء الأمة، ويُظهر الجانب العبادي للخطبة. إن هذه الأركان لا تُعدّ مجرد شكليات، بل هي مكونات أساسية تضمن أن تكون كل خطبة الجمعة اليوم رسالة شاملة تجمع بين التعبد والتذكير والتعليم والتوجيه والدعاء. يحرص الخطيب الماهر على المزج بين هذه الأركان بأسلوب بليغ ومؤثر، يلامس القلوب ويُحرّك العقول، ويُقدم للمصلين زاداً روحياً ومعرفياً يكفيهم لأسبوع كامل. إن فهم هذه البنية يُعين المصلين على تتبع الخطبة واستيعاب مضمونها بشكل أفضل، مما يزيد من استفادتهم ويُعظّم أجرهم.

محاور خطبة الجمعة اليوم: استشراف قضايا العصر

لا تقتصر خطبة الجمعة اليوم على التذكير بالعبادات الروتينية، بل تتعداها لتكون منصة حيوية لاستشراف قضايا العصر وتقديم المعالجات الإسلامية لها. إنها المرآة التي تعكس نبض المجتمع وتحدياته، والبوصلة التي توجه الأفراد والأمة نحو الصلاح والفلاح في ظل المستجدات المتسارعة. تتناول خطب الجمعة عادةً مجموعة واسعة من المحاور التي تلامس حياة المسلمين اليومية، سواء كانت روحية، أخلاقية، اجتماعية، أو حتى اقتصادية وسياسية ضمن الإطار الشرعي. فمن المحاور الدائمة التي لا تخلو منها خطبة هي الوصية بتقوى الله، وتذكير الناس بـالآخرة والجنة والنار، والحث على العبادات والأخلاق الفاضلة كالصبر والشكر والصدق والأمانة. هذه المحاور تشكل الأساس الذي تُبنى عليه بقية التوجيهات. ومع ذلك، يتميز الخطيب الناجح بقدرته على ربط هذه القيم الخالدة بـالقضايا المعاصرة التي تهم مجتمعه. على سبيل المثال، يمكن أن تتناول خطبة الجمعة اليوم موضوع العدل الاجتماعي وكيفية تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع، أو التحدث عن أهمية الوحدة والتكاتف في وجه الفرقة والاختلاف، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية. قد تتطرق الخطبة أيضاً إلى قضايا الأسرة وتحدياتها، مثل تربية الأبناء، وعقوق الوالدين، وأهمية المحافظة على الروابط الأسرية في زمن تزايدت فيه عوامل التفكك. كما يمكن أن تتناول أهمية العلم والتعليم، ودور الشباب في بناء المستقبل، أو المخاطر التي تهدد القيم الأخلاقية بسبب الغزو الفكري والثقافي. في أوقات الأزمات والكوارث، تتحول الخطبة إلى منبر للتضامن والدعاء، وإرشاد الناس إلى كيفية التعامل مع المحن بروح الإيمان والصبر، والحث على التكافل ومد يد العون للمحتاجين. لا يغفل الخطباء أيضاً عن التذكير بـأهمية المحافظة على البيئة، وحقوق الجار، وتجنب الإسراف والتبذير، وضرورة العمل والإنتاج، وهي كلها قضايا تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من التوجيه الإسلامي الشامل. إن قدرة الخطيب على اختيار المحاور المناسبة وتناولها بأسلوب مؤثر ومقنع هي ما يجعل خطبة الجمعة اليوم أداة فعالة للتغيير الإيجابي وبناء أمة قوية ومتماسكة. هذه المرونة في اختيار المواضيع هي ما يضمن بقاء الخطبة متجددة ومُلهمة، وتواكب التطورات، وتلبي احتياجات المسلمين في كل زمان ومكان. فكل جمعة هي فرصة لـتجديد الوعي وتعزيز الانتماء، وتذكير بقيم ديننا الحنيف الذي يسعى لخير البشرية جمعاء.

الخطبة بين التوجيه الروحي والتفاعل المجتمعي

تُقدم خطبة الجمعة اليوم نموذجاً فريداً للجمع بين التوجيه الروحي العميق والتفاعل المجتمعي الفعّال. ليست الخطبة مجرد دعوة للتقوى بمعناها المجرد، بل هي دعوة للتقوى التي تترجم إلى عمل صالح وسلوك قويم ينعكس على الفرد والمجتمع بأكمله. من الناحية الروحية، تُعدّ الخطبة فرصة لـتغذية الأرواح، وتذكير القلوب بعظمة الخالق، وتطهير النفوس من الشوائب. إنها تُحفّز على التدبر في آيات الله الكونية والقرآنية، وتشجع على الإنابة والتوبة، وتُقوّي صلة العبد بربه. فكلمات الخطيب تُلامس أعماق الروح، وتُثير في النفس الرغبة في الاقتراب من الله والالتزام بأوامره واجتناب نواهيه. هذا الجانب الروحي هو الأساس الذي يُبنى عليه أي إصلاح مجتمعي. أما من ناحية التفاعل المجتمعي، فإن خطبة الجمعة اليوم تُعتبر صوت الأمة، فهي تُسلّط الضوء على المشكلات التي تواجه المجتمع، وتُقدم لها حلولاً مستمدة من الشريعة الإسلامية السمحة. إنها تُعزّز قيم التكافل والتراحم، وتحث على التعاون في البر والتقوى، وتُنادي بالعدل والإنصاف في جميع المعاملات. فالخطيب لا يكتفي بالحديث عن الفضائل، بل يدعو إلى تطبيقها عملياً في حياتنا اليومية، سواء في التعامل مع الأهل والجيران، أو في مجال العمل والتجارة، أو حتى في المواقف العامة. على سبيل المثال، إذا كانت هناك أزمة اجتماعية معينة، مثل ارتفاع معدلات الطلاق، أو مشكلة تعاطي المخدرات بين الشباب، أو تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات، فإن الخطبة يمكن أن تتناول هذه القضايا بوضوح وتقدم الإرشاد الإسلامي للتعامل معها، مؤكدة على مسؤولية كل فرد في إصلاح نفسه ومجتمعه. كما أنها تُعدّ منصة لتوعية الناس بحقوقهم وواجباتهم، سواء تجاه الله، أو تجاه أنفسهم، أو تجاه مجتمعهم ووطنهم. إنها تُربي الفرد على أن يكون عضواً فاعلاً ومنتجاً في مجتمعه، لا مجرد مستهلك أو متفرج. هذا التوازن بين التوجيه الروحي والتفاعل المجتمعي هو ما يجعل خطبة الجمعة اليوم شعيرة فريدة ومؤثرة، قادرة على بناء أفراد صالحين ومجتمع قوي متماسك.

دور الخطيب في إعداد وتقديم خطبة الجمعة: مسؤولية عظيمة

يقع على عاتق الخطيب في إعداد وتقديم خطبة الجمعة اليوم مسؤولية عظيمة، فهو ليس مجرد مُلقن لدروس دينية، بل هو وريث الأنبياء في الدعوة إلى الله، والمعلم والمرشد لأمته. يتطلب هذا الدور مزيجاً فريداً من المعرفة العميقة، والحكمة، والبصيرة، والقدرة على التواصل الفعّال. تبدأ هذه المسؤولية بـالإعداد الجيد والتحضير الدقيق للخطبة. يجب على الخطيب أن يكون مُلماً بالعلوم الشرعية، وأن يمتلك فقه الواقع، ليتمكن من ربط النصوص الشرعية بمستجدات الحياة وتحدياتها. عليه أن يبحث ويقرأ في المصادر الموثوقة، وأن يستشير أهل العلم والاختصاص إذا لزم الأمر، ليضمن أن تكون رسالته مبنية على أساس علمي شرعي متين. اختيار الموضوع المناسب لـخطبة الجمعة اليوم هو فن بحد ذاته؛ يجب أن يكون الموضوع ذا أهمية للمصلين، ويلامس احتياجاتهم وقضاياهم الحالية، وأن يكون متوازناً بين الجانب الروحي والجانب العملي. يجب أن يتجنب الخطيب المواضيع الخلافية التي قد تثير الشقاق، وأن يركز على ما يجمع القلوب ويوحد الصفوف. أما عند تقديم الخطبة، فيجب أن يتمتع الخطيب بـأسلوب شيق ومؤثر، وأن يكون فصيحاً في لغته، واضحاً في بيانه، وبليغاً في عباراته. ليس المقصود بالإبلاغ استخدام الكلمات المعقدة، بل هو القدرة على إيصال الفكرة بأيسر الطرق وأقواها تأثيراً. يجب أن يكون صوته مسموعاً وواضحاً، وأن يحرص على التواصل البصري مع المصلين ليُشعرهم بالاهتمام. كما أن الصدق والإخلاص من أهم صفات الخطيب الناجح؛ فالكلمة التي تخرج من القلب تصل إلى القلب، والناس غالباً ما يُدركون مدى صدق الخطيب في دعوته. عليه أن يكون قدوة حسنة لما يدعو إليه، فـالفعل أبلغ من القول. يجب أن يتجنب الخطيب الإطالة المملة أو الاختصار المخل، وأن يكون واقعياً في طرحه، متفهماً لظروف الناس، حكيماً في نصحه. فكل كلمة في خطبة الجمعة اليوم يمكن أن تحدث فرقاً في حياة شخص ما، أو تُصحّح مساراً خاطئاً، أو تُعلي قيمةً نبيلة. إن دور الخطيب لا يقتصر على يوم الجمعة فحسب، بل يمتد ليشمل متابعته لأحوال مجتمعه، وتفاعله مع أفراده، واستقباله لاستفساراتهم، ليظل بذلك منارة هادية على مدار الأسبوع.

الاستفادة القصوى من خطبة الجمعة: نصائح للمصلين

ليست خطبة الجمعة اليوم مجرد عرض يقدمه الخطيب، بل هي تفاعل روحي ومعرفي يتطلب مشاركة فعّالة من المصلين لتحقيق الاستفادة القصوى منها. فالمصلي ليس مجرد مستمع سلبي، بل هو متلقٍ مسؤول يُنتظر منه أن يستقبل الرسالة ويدقق في مضمونها ويعمل بها. إليك بعض النصائح الهامة لمساعدتك على تحقيق أقصى استفادة من هذا المنبر الأسبوعي العظيم:

أولاً: التبكير إلى المسجد: التبكير لصلاة الجمعة سنة نبوية عظيمة، وله فوائد جمة. فهو يمنحك الفرصة لـالجلوس في الصفوف الأولى، والقرب من الخطيب، والاستماع بتركيز أكبر بعيداً عن التشويش. كما يُتيح لك وقتاً لـأداء السنن والنوافل، وقراءة القرآن، والدعاء قبل بدء الخطبة، مما يهيئ قلبك وعقلك لاستقبال الموعظة. هذا التبكير يُعزز أيضاً من حالة السكينة والطمأنينة التي تُساعد على التركيز.

ثانياً: الإنصات الجيد والتأمل: أثناء الخطبة، يجب على المصلي أن يكون منصتاً بعناية، متجنباً أي مشتتات. فقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من اللغو أثناء الخطبة. ضع هاتفك جانباً، وتجنب الحديث مع من بجانبك، وركز كل حواسك على كلمات الخطيب. حاول أن تتأمل في معاني الآيات والأحاديث التي يوردها، وكيف يمكن أن تطبقها في حياتك. تذكر أن الخطبة موعظة من الله ورسوله، فاجعل قلبك وعقلك مفتوحين للتعلم والتغيير. الإنصات لا يعني مجرد السماع، بل يعني التفكر والتدبر فيما يُقال.

ثالثاً: ربط الخطبة بحياتك اليومية: لا تستمع للخطبة كمعلومات نظرية بحتة. حاول أن تربط الأفكار والمواعظ التي يقدمها الخطيب بـتحدياتك الشخصية، ومشاكلك اليومية، وطموحاتك المستقبلية. اسأل نفسك: كيف يمكنني تطبيق هذه النصيحة في عملي؟ كيف يمكنني تحسين علاقتي بأسرتي بناءً على هذا التوجيه؟ ما السلوك الذي يجب أن أغيره؟ هذا الربط العملي هو ما يجعل خطبة الجمعة اليوم ذات تأثير حقيقي ومستدام في حياتك.

رابعاً: المذاكرة والعمل بما سمعت: بعد انتهاء الخطبة، لا تدع الكلمات تتلاشى في الهواء. حاول أن تتذكر النقاط الأساسية والمحاور التي تناولها الخطيب. قد يكون من المفيد أن تناقش الخطبة مع أفراد أسرتك أو أصدقائك، فهذا يساعد على ترسيخ المعلومات وتبادل الفهم. والأهم من ذلك، العمل بما سمعت. إذا دعت الخطبة إلى الصدق، فاحرص على أن تكون صادقاً في أقوالك وأفعالك. إذا حثت على صلة الرحم، فبادر بزيارة أقاربك أو الاتصال بهم. التطبيق العملي هو الثمرة الحقيقية لأي موعظة.

خامساً: الدعاء والتضرع: استغل أوقات الإجابة في يوم الجمعة، وادعُ الله أن يبارك لك فيما سمعت من الخطبة، وأن يُعينك على العمل به، وأن يُثبتك على الحق. الدعاء يعزز من قوة التأثير الروحي للخطبة ويجعلها أكثر رسوخاً في القلب.

باتباع هذه النصائح، ستجد أن كل خطبة الجمعة اليوم تتحول من مجرد واجب ديني إلى فرصة ذهبية للتجديد الروحي والمعرفي، وستُلاحظ الأثر الإيجابي لذلك في جميع جوانب حياتك.

خطبة الجمعة: بناء الأمة وتوحيد الصفوف

تُعدّ خطبة الجمعة اليوم أكثر من مجرد إرشاد فردي؛ إنها أداة قوية لبناء الأمة وتوحيد الصفوف، وركيزة أساسية لتماسك المجتمع الإسلامي وقوته. ففي هذا اللقاء الأسبوعي المبارك، يجتمع المسلمون من كل حدب وصوب، بمختلف خلفياتهم وتوجهاتهم، تحت سقف واحد، يستمعون إلى كلمة واحدة، ورسالة موحدة تُلقيها عليهم ألسنة الخطباء، وهذا بحد ذاته يُعزز من الشعور بالوحدة والانتماء إلى جسد واحد هو جسد الأمة الإسلامية. عندما يتناول الخطيب قضايا تهم الأمة ككل، مثل العدل، والإخاء، والتعاون، والتكافل، فإنه يُذكّر الجميع بـالقيم المشتركة التي يجب أن يتحلى بها كل مسلم، ويُقوّي الروابط بينهم. الخطبة تُسهم في ترسيخ الهوية الإسلامية الجماعية، وتُذكر المسلمين بـتاريخهم المجيد، وتحدياتهم الحالية، وآمالهم المستقبلية. إنها تُشجع على التضامن مع إخوانهم في مختلف بقاع الأرض، وتُبصّرهم بـقضايا المسلمين أينما كانوا، مما يُنمّي لديهم حس المسؤولية العالمية تجاه قضايا الأمة الكبرى. كما أن الخطبة تلعب دوراً حاسماً في نشر الوعي الثقافي والاجتماعي، فمن خلالها يتم تصحيح المفاهيم الخاطئة، ومحاربة الأفكار الهدامة التي قد تُفرق الصفوف، والحث على الاعتدال والوسطية في الدين، ونبذ الغلو والتطرف. إنها تُذكّر الأمة بأن قوتها في وحدتها، وأن اختلافها يجب ألا يكون سبباً للنزاع والفرقة، بل يجب أن يكون مصدر إثراء وتنوع. في أوقات الأزمات، تُصبح خطبة الجمعة اليوم منبراً للتوجيه الجماعي، حيث يُصدر الخطباء توجيهات موحدة للأمة حول كيفية التعامل مع هذه الأزمات، سواء كانت أزمات اقتصادية، أو صحية، أو سياسية. إنها تُطمئن القلوب، وتُعزّز الثقة بالله، وتُحث على الصبر والدعاء، وتُوجه نحو بذل الأسباب والعمل لمواجهة التحديات. بهذا المعنى، فإن الخطبة ليست مجرد موعظة فردية، بل هي مؤسسة تعليمية وتوجيهية جماعية تُسهم بشكل فعال في تشكيل الوعي الجمعي للأمة، وتوجيهها نحو تحقيق أهدافها الكبرى في بناء حضارة إسلامية تقوم على العدل والرحمة والسلام. إنها تُجدّد العهد أسبوعياً على التزام منهج الله، والسعي لتوحيد الكلمة، والعمل الصالح الذي يعود بالنفع على الفرد والمجتمع والعالم أجمع. فكلما كانت خطبة الجمعة اليوم قوية ومؤثرة، كلما كانت الأمة أقوى وأكثر تماسكاً وتوجهاً نحو الخير والصلاح.

خاتمة: منبر الجمعة… نبض الأمة المتجدد

في الختام، تتجلى خطبة الجمعة اليوم كـنبض متجدد للأمة الإسلامية، فهي ليست مجرد ركن من أركان صلاة الجمعة، بل هي شريان حيوي يغذي الأمة بالهداية والإرشاد، ويُعزز من تماسكها ووحدتها. لقد استعرضنا في هذا المقال الأبعاد المتعددة لهذه الشعيرة العظيمة، من أهميتها الروحية والمجتمعية، مروراً ببنيتها وأركانها، ومحاورها التي تستشرف قضايا العصر، وصولاً إلى الدور المحوري للخطيب ومسؤولياته، وكيف يمكن للمصلين تحقيق أقصى استفادة منها. إن منبر الجمعة هو بمثابة جامعة أسبوعية يُلقى فيها دروس في العقيدة والأخلاق والمعاملات، وتُناقش فيها أهم قضايا المجتمع بروح إسلامية أصيلة. إنه يُقدم حلولاً مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله لمواجهة تحديات الحياة المعاصرة، ويُنمّي في النفوس قيم التقوى والصلاح، والأخوة والتراحم. في كل خطبة الجمعة اليوم، تتجدد العزائم، وتُصقل النفوس، وتُوحّد القلوب على كلمة الحق. فالمحافظة على هذه الشعيرة، والحرص على الاستماع إليها بإنصات ووعي، والعمل بما جاء فيها من توجيهات، يُعدّ واجب كل مسلم ومسلمة، وسبباً رئيسياً في نهضة الأمة ورقيها. لنجعل من كل جمعة محطة للتزود بالخير والبركة، ولنجعل من خطبتها مصباحاً يُنير دروبنا نحو غد أفضل، مستلهمين من تعاليم ديننا الحنيف ما يُعيننا على بناء مجتمع إسلامي قوي، متماسك، ومزدهر، ينشر الخير والسلام في ربوع العالم. فما أجمل أن نرى المسلمين حريصين على هذا الخير، مستمعين مستفيدين، عاملين بما سمعوا، لينعكس ذلك على حياتهم وسلوكهم، ويجعل من خطبة الجمعة اليوم ليست مجرد ذكرى عابرة، بل أثراً باقياً يُثمر صلاحاً وفلاحاً في الدنيا والآخرة.